ج ٣، ص : ٥٦١
المفردات :
كَبائِرَ الْإِثْمِ : جمع كبيرة، وهي كل ذنب توعد اللّه صاحبه بالعذاب الشديد، أو ذم فاعله ذما كثيرا، وقيل غير ذلك. وَالْفَواحِشَ : جمع فاحشة، وهي الذنب الذي جعل اللّه في عقوبته الحد كالزنا مثلا، وقيل غير ذلك مما هو قريب منه. إِلَّا اللَّمَمَ وأصل اللمم : ما قل وصغر، وعليه ألم بالمكان : قل لبثه فيه، والمراد باللمم هنا : صغائر الذنوب التي تفعل بلا مداومة عليها. أَجِنَّةٌ : جمع جنين وهو الولد ما دام في بطن أمه سمى بذلك لاجتنانه، أى : استتاره.
المعنى :
المحسنون الذين لهم المثوبة الحسنى هم الذين يجتنبون كبائر الإثم، ويجتنبون الفواحش والمنكرات التي ينكرها العقل ويأباها الدين، من الموبقات والمهلكات التي ورد من الشرع تحذير شديد على اجتنابها، أو توعد صاحبها بالحد أو بالعقاب الشديد، وقد اختلف العلماء في عد المنكرات والفواحش، وذكرت في السنة بطرق مختلفة، وعلى العموم فالشرك باللّه، والقتل إلا بحق الإسلام، والزنى والربا وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، والافتراء على اللّه من الكبائر، وهكذا كل معصية ذنبها كبير وجرمها خطير.
الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم، وهو صغائر الذنوب التي تعمل بلا قصد ولا مداومة، أما إذا داومت على الذنب الصغير أصبح كبيرا فقد قيل :
لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الندم والاستغفار.
وهذا اللمم ذنب بلا شك، خففه الندم وعدم معاودته، عند ذلك تدخل المغفرة والرحمة، وربك واسع المغفرة كثير الرحمة، وهو أعلم بنا - نحن بنى الإنسان - وقد خلقنا ضعافا أمام الدنيا ومغرياتها، وقد خلقنا فهو أعلم بنا، وقد أنشأنا من الأرض، وهو أعلم بنا إذ نحن أجنة في بطون الأمهات، بل وذرات في أصلاب الآباء، وفي عالم الذر، وإذا كان الأمر كذلك فلا تزكوا أنفسكم أبدا، هو أعلم بمن اتقى، فرب من يظن نفسه قد عمل صالحا يكون عمله مشوبا بالرياء أو السمعة أو الغرض الدنيوي فيبوء بالفشل والندامة، واللّه أعلم بمن اتقى حقا.