ج ٣، ص : ٦١٨
الآن!! ألم يأن لنا أن نعود إلى القرآن!، ألم يأن للمسلمين جميعا في مشارق الأرض ومغاربها أن يهتدوا إلى الحق، وإلى الصراط المستقيم! ألم يأن لهم أن يثوبوا إلى رشدهم، ويعودوا إلى صوابهم مرة ثانية ؟ ؟ ولا غرابة في ذلك، ولا عجب فاللّه يحيى الأرض الجدبة بعد موتها بالنبات والزرع، وهو القادر على أن يحيى القلوب الميتة بالصدق والإخلاص وحسن الخشوع، وقوة الإيمان، قد بين اللّه لكم الآيات لعلكم تعقلون.
إن الذين تصدقوا من الرجال والنساء، وأقرضوا اللّه قرضا حسنا، حيث بذلوا أموالهم خالصة لوجه اللّه، لا يريدون جزاء ولا شكورا، هؤلاء يضاعف لهم أجرهم أضعافا، ويعطون في مقابلة الحسنة عشر أمثالها، وقد يزاد على ذلك إلى سبعمائة ضعف، ولهم أجر كريم، وثواب جزيل، والذين آمنوا باللّه ورسوله إيمانا صادقا كاملا أولئك - والإشارة إلى بعد مرتبتهم وكمال جزائهم - هم الصديقون والشهداء عند ربهم أى : أولئك عند ربهم وفي حكمه بمنزلة الصديقين والشهداء المشهورين بعلو الرتبة ورفعة المحل، والصديقون هم الذين سبقوا إلى الإيمان ورسخوا فيه، والشهداء هم الذين استشهدوا في سبيل اللّه، وسموا بذلك لأن اللّه والملائكة شهدوا لهم بالجنة، وقيل : لأنهم أحياء فهم شهود، لهم أجرهم الكامل ونورهم الذي يسعى بين أيديهم وبأيمانهم.
والذين كفروا باللّه ورسوله، وكذبوا بآياته القرآنية، والكونية، أولئك - والإشارة لبعد منزلتهم في النار - أصحاب النار الخالدون فيها الملازمون لها، وهي لهم وبئس القرار قرارهم.
حقيقة الدنيا والآخرة [سورة الحديد (٥٧) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (٢٠) سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢١)