ج ٣، ص : ٦٣١
المفردات :
يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ : يعادونهما ويشاقونهما لأن كلا من المتعادين يكون في حد وجهة. كُبِتُوا : أهينوا وذلوا. نَجْوى المراد : التناجي، أى :
المسارة، مأخوذ من النجوة : وهي ما ارتفع من الأرض لأن المتسارين يخلوان بنجوة من الأرض.
المعنى :
أن الذين يحادون اللّه ورسوله، ويعادونهما بمخالفتهما، واتخاذ حدود غير حدودهما، وأحكام غير أحكامهما، هؤلاء كبتوا وأذلوا، وسيجزيهم اللّه خزيا مؤكدا، كما أذل من قبلهم من الكفار وأخزاهم، والحال أنا قد أنزلنا آيات بينات واضحات في من حاد اللّه ورسوله من الأمم قبلهم، وفيما فعلنا بهم، وللكافرين بتلك الآيات - ويدخل معها آيات القرآن من باب أولى - عذاب مهين يذهب بعزهم وكبرهم يوم يبعثهم اللّه جميعا بحيث لا يبقى منهم أحد، فينبئهم بما عملوا من القبائح.
كيف ينبئهم بأعمالهم كلها ؟ الجواب : أحصاه اللّه تعالى عددا، ولم يفته - سبحانه - منه شيء، والحال أنهم قد نسوه، واللّه على كل شيء شهيد، لا يغيب عنه أمر من الأمور.
هذا استشهاد آخر على شمول علمه، ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم، بمعنى ما يقع من تناجى ثلاثة أو مسارة بينهم إلا كان اللّه رابعهم فيعلم نجواهم كما لو كان رابعهم في التناجي، ولا تكون النجوى بين خمسة إلا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك عددا، ولا أكثر إلا هو معهم بذاته علما وإحاطة أينما كانوا، ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة، ويجازيهم عليه، إن اللّه بكل شيء عليم، وهذا تذييل محكم.