ج ٣، ص : ٦٤٠
فتركوها ترتكب الآثام والأباطيل، أولئك - والإشارة لبعدهم في الغواية والبهتان - حزب الشيطان وجماعته المتجمعون على الإثم والعدوان، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون، وأى خسارة بعد هذا ؟
إن الذين يحادون اللّه ورسوله « ١ » بمخالفة أمره، واتباع الشيطان أولئك في عداد الأذلين، لأن العزة للّه ولرسوله وللمؤمنين. وما سبب ذلك! الجواب : كتب اللّه لأغلبن أنا ورسلي، أى : قدر وأراد إرادة مؤكدة كأنه أقسم عليها، ولذا جاء الجواب باللام المؤكدة في قوله : لأغل بن أنا ورسلي وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ « ٢ » ولا غرابة إن ربك لقوى قادر عزيز غالب.
لا تجد قوما يؤمنون باللّه ورسوله حقا إيمانا كاملا، يوادون من حاد اللّه ورسوله بقلوبهم مخلصين، والغرض من هذا الأسلوب بيان أنه لا ينبغي أن يجتمع في قلب واحد إيمان كامل مع موادة الكفار. وحقه أن يمتنع، ولا يوجد بحال وهذه مبالغة في النهى عنه والزجر عن سلوك طريقه والمنهي عنه الإخلاص القلبي للكافر، ولو كان أبا أو ابنا أو أخا أو من العشيرة، وقد كان الصحابة لا يفضلون على حب اللّه ورسوله شيئا، بل بعضهم قتل وصفع وأهان بعض أقاربه في سبيل اللّه أولئك الممتثلون أمر اللّه الذين يرون حلاوة الإيمان في حب اللّه ورسوله. وهم بالطبع لا يوادون أعداء اللّه وأعداء الإسلام والقرآن أولئك كتب اللّه في قلوبهم الإيمان وثبته، وأيدهم بروح من عنده وأنار قلوبهم للحق فاعتنقوه، وسيدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا، رضى اللّه عنهم، ورضوا عنه أولئك حزب الرحمن المختصون بالقرآن ألا إن حزب اللّه هم المفلحون وحدهم وأى فلاح بعد ذلك ؟ !!

_
(١) - جملة استئنافية مسوقة لتعليل خسرانهم
(٢) - سورة الصافات الآيتان ١٧١ و١٧٢.


الصفحة التالية
Icon