ج ٣، ص : ٦٤٨
وخيره فيهما، وهذا هو مظهر الإخاء الذي فعله النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عند ما استقر بالمدينة، وهذا بلا شك يدل على صفاء النفس من أكدار المادة والدنيا ويدل على قوة الروح ومبلغ العزوف عنها، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون لا غير، فالشح داء عضال لا يصدر عنه خير، وهو سبب الكثير من الجرائم.
والذين جاءوا من بعدهم إلى الدين الجديد حيث تأخر زمانهم، أو جاءوا بعد المهاجرين وآمنوا بعد الفتح واستتباب الدولة الإسلامية حالة كونهم يقولون : ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، فهي أخوة في الدين، ولا شك أنها أعز من أخوة النسب، اللهم لا تجعل في قلوبنا غلا ولا حقدا للذين آمنوا مطلقا، ربنا إنك رءوف بنا رحيم بخلقك، ومن هذا يظهر موقف الصحابة ومكانتهم، وأن الواجب أن ندعو لهم بخير وأن نفهم فيهم الصدق والإخلاص الكامل، وفي
الحديث :« أصحابى كالنّجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم ».
هكذا المنافقون واليهود [سورة الحشر (٥٩) : الآيات ١١ الى ١٧]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١١) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١٢) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٣) لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (١٤) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٥)
كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (١٦) فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (١٧)