ج ٣، ص : ٦٥٠ واللّه يشهد إن المنافقين لكاذبون في مواعيدهم وعهودهم المؤكدة بالأيمان، واللّه لئن أخرج اليهود لا يخرجون معهم لأنهم منافقون، وو اللّه لئن قوتل اليهود، أى : بنو النضير لا ينصرهم المنافقون أبدا، وهذا وعد وإخبار بالغيب وقد تحقق ذلك كله، ولئن نصروهم - فرضا وتقديرا - ليولن الأدبار ويمنعون في الفرار، ولا يلوون على شيء فإنهم المنافقون وكفى! لأنتم - أيها المسلمون - أشد رهبة في صدورهم من اللّه - عز وجل - فهم يرهبونكم في السر رهبة أشد مما يظهرونه لكم من رهبة اللّه - عز وجل - ذلك بسبب أنهم قوم لا يفقهون ولا يعرفون عظمة اللّه فيخشونه حق خشيته.
لا يقاتلونكم - أى : اليهود والمنافقون - جميعا إلا في قرى محصنة بالتحصينات التي عرفوها والتي ستعرف في المستقبل، أو من وراء جدار، نعم رأيناهم في حروب فلسطين لا يقاتلون الناس إلا كذلك، فإن أفئدتهم هواء، وقلوبهم مليئة بالجبن والخور والضعف وحب الدنيا وكراهية الموت والخوف الموروث من المسلمين، وهم إن أبدوا شجاعة ظاهرية لا تلبث أن تذهب، ولقد صدق اللّه في وصفهم هذا الوصف الدقيق :
بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ فهم كما يقول الشاعر :
وإذا ما خلا الجبان بأرض طلب الطعن وحده والنزالا
وما أروع قول اللّه : بَيْنَهُمْ أما إذا كان البأس والحرب بينهم وبين غيرهم كانوا أجبن من الجبن، تحسبهم جميعا مجتمعين، والواقع أن قلوبهم واتجاهاتهم شتى، اللّه يقول ذلك عن اليهود، وهو أصدق القائلين، بقي من يقاتلهم هل هو مثلهم أو أشد، أم أصبح المسلمون تتوزعهم الفرقة والخلافات والإحن والتارات وأصبحوا يجرون وراء أمريكا وانجلترا، وتركوا دينهم وقرآنهم وراءهم ظهريّا!! ولا حول ولا قوة باللّه!! أيها المسلمون : تشجعوا واتحدوا، ولا يهمنكم أمر تلك الشرذمة من العصابات اليهودية مهما ساعدتها أمريكا وإنجلترا وروسيا فإنه يقول : تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون.
مثل اليهود من بنى النضير كمثل الذين من قبلهم حيث ذاقوا وبال أمرهم، وعاقبة