ج ٣، ص : ٦٩٨
الإسلام، ثم انتهى الأمر إلى أن أخذوا بمبدأ الإسلام في الطلاق والزواج. سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ « ١ » واللّه - جل جلاله - يهددنا إن تركنا أحكام القرآن بأنه سيغضب علينا ويذيقنا سوء العذاب في الدنيا والآخرة جزاء إهمال أحكام الإسلام، وقد كان ذلك.
المعنى :
كثير « ٢ » من القرى - والمراد أصحاب كل قرية - عتت عن أمر ربها، وأعرضت عنه، وأهملته وخرجت عن أمر رسولها، ولم تمتثل له فكان الجزاء أنها حوسبت على أعمالها حسابا شديدا على ذلك، وعذبت عذابا منكرا في الدنيا والآخرة، فهي قد ذاقت وبال أمرها وعاقبته، وكانت عاقبة أمرها خسارة هائلة. أعد اللّه لها عذابا شديدا بعد ذلك في الآخرة غير ما مضى، ألست معى في أن من يترك أحكام اللّه، ويهمل أمر الدين يكون جزاؤه العذاب في الدنيا والآخرة ؟ ! وإذا كان الأمر كذلك فاتقوا اللّه يا أصحاب العقول الراجحة - أعنى بهم الذين آمنوا باللّه ورسوله - وكأن سائلا سأل وقال : لم هذا ؟ فكان الجواب : قد أنزل اللّه إليكم أيها الناس ذكرا لكم هو القرآن، وأرسل رسولا يتلو عليكم آيات اللّه مبينات، تبين لكم كل شيء وتهديكم إلى كل خير، وقد بينها لكم ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور، والمراد بهم من أراد اللّه لهم هذا، وسبق في علمه أنهم من أهل الجنة.
ومن يؤمن باللّه ويعمل صالحا يدخله ربك جنات تجرى من تحتها الأنهار، وقد أحسن اللّه له رزقا فيها، ووسع له في جنات النعيم.
ولا غرابة في ذلك كله فهي تشريعات الحكيم الخبير بكل شيء، فاحذروا مخالفة أمره

_
(١) سورة فصلت آية ٥٣.
(٢) في هذا إشارة إلى أن (كأين) بمعنى كم الخبرية وهي تفيد التكثير، وأعربت مبتدأ و(من قرية) تمييز، و(عتت) خبر لها.


الصفحة التالية
Icon