ج ٣، ص : ٧٠٥
المعنى :
يا أيها الذين آمنوا باللّه ورسوله قوا أنفسكم وأهليكم نار جهنم، فإنها نار وقودها الناس والحجارة لا وقودها العشب والحطب احفظوا أنفسكم من هذه النار بترك المعاصي، وفعل الطاعات، واجتناب المنهيات، التي تغضب اللّه ورسوله، واحفظوا أهليكم منها بأن تأمروهن بالمعروف وتنهوهن عن المنكر، وتعلموهن الخير وأوامر الشرع وتؤدبوهن بأدب القرآن، والأهل : هم الزوجة والأولاد والخدم ومن هم في حوزتك ومعيشتك، ولقد صدق اللّه : وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها « ١ »، وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ « ٢ » فالمسلم الواجب عليه أن يصلح نفسه أولا، ويقي نفسه شر النار وغضب الجبار، ثم يتجه ثانية إلى تكوين أسرته على مبادئ الدين الحنيف ويغرس في نفوسهم أدب القرآن الكريم. والفضائل الإسلامية العليا، بهذا يكون وقى أهله من النار، فلست مطالبا بنفسك فقط. لا. بل ع ليك نفسك ثم أهلك وأسرتك، ثم إن أردت زيادة في الخير فادع إلى اللّه واعمل في محيط إخوانك ومعارفك وأصدقائك على نشر أدب الإسلام وتعاليمه.
قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة، عليها حرس من الملائكة غلاظ الأخلاق شداد الأجسام، لا يعصون اللّه ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
يا أيها الذين كفروا : لا تعتذروا اليوم - أى : عند إدخالهم النار تقول لهم الملائكة ذلك - ليس اليوم يوم عذر وعتاب، وإنما هو يوم جزاء وحساب، وإنما تجزون على ما كنتم تعملون في الدنيا.
يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبة نصوحا « ٣ » خالصة لوجه اللّه ليست لغرض أبدا توبة بالغة في النصح لينصح بها صاحبها نفسه، توبة تنصح الناس وتدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها على صاحبها.
والتوبة النصوح تستدعى الإقلاع عن الذنب، والندم عليه لكونه ذنبا - لا لسبب آخر - ندما قلبيّا يدعو إلى الحزن والأسف على ما فرط، وهذا بلا شك يستلزم العزم
(١) سورة طه آية ١٣٢. [.....]
(٢) سورة الشعراء آية ٢١٤.
(٣) « نصوحا » من أمثلة المبالغة، وفيها مجاز عقلي حيث أسندت للتوبة، والمراد أصحابها.