ج ٣، ص : ٧٠٨
لما عصتا من عذاب اللّه شيئا، وهذا بيان صريح على أن العذاب يدفع بالطاعة لا بالشفاعة، وقيل لهما : ادخلا النار مع الداخلين لها ممن ليس لهم صلة بنبي أو غيره.
وضرب اللّه مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون وكانت مؤمنة صالحة، أى : جعل حالها العجيب مثلا لحال المؤمنين في أن صلتها بالكافرين لم تضرها شيئا، ما دامت هي تقوم بالعمل الصالح، ضرب اللّه مثلها إذ قالت عند تعذيب فرعون لها : رب ابن لي عندك بيتا في الجنة، ونجنى من فرعون وعمله، ونجنى من القوم الطغاة الظالمين.
وضرب اللّه مثلا للذين آمنوا مريم ابنة عمران أم عيسى - عليه السلام - التي أحصنت فرجها وحفظته، لأنها العفيفة الحصينة المبرأة من العيب، يا سبحان اللّه هذا هو وصف القرآن لمريم البتول الطاهرة. فنفخ اللّه فيه من روحه، والنافخ هو جبريل بأمر اللّه، نفخ في فرجها وفي جيب قميصها روحا من اللّه، فحملت مريم عيسى، والإضافة التي في قول اللّه : من روحنا للتشريع والتكريم ولأنه روح وصلت إلى مريم بلا واسطة أب.
وصدقت مريم بكلمات ربها حيث قال لها جبريل : إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا
« ١ » صدقت بشرائع اللّه وكتبه، وكانت مريم من سلالة القوم الطائعين القانتين.

_
(١) - سورة مريم آية ١٩.


الصفحة التالية
Icon