ج ٣، ص : ٧٧٢
إن ربك يعلم أنك قمت وامتثلت أمر ربك أنت وطائفة من قومك. قمتم أدنى من ثلثى الليل، وقمتم نصفه، وثلثه، وكان معك صحبك، والمراد بالعلم أن اللّه سيجازيك على ذلك أحسن الجزاء.
واللّه وحده هو الذي يقدر الليل والنهار، وهو الذي يعلم المصلحة، وقد علم أن المدة السابقة كافية للتربية الإسلامية، وقد جاء معكم ناس لا يستطيعون ذلك العمل، فاللّه علم أنكم كجماعة لن تطيقوا قيام الليل على سبيل الواجب، أما كأفراد فمنكم من يقدر وأكثركم لا يقدر، والأحكام الشرعية تبنى على الأعم الأغلب.
فاللّه قد رجع عليكم بالتيسير والتخفيف منذ أن رجعتم إليه بالشكوى والدعاء، فاقرأوا ما تيسر من القرآن في قيام الليل أو في الصلاة في ساعة من ساعات الليل. علم اللّه أن الحال والشأن سيكون منكم مرضى ضعاف، لا يستطيعون قيام الليل، وآخرون منكم مسافرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل اللّه بالتجارة والسعى على تحصيل الرزق من طريق الحلال، وآخرون يقاتلون في سبيل اللّه، هؤلاء وهؤلاء لا يستطيعون قيام الليل، فاللّه خفف عنكم فاقرأوا ما تيسر منه، وأقيموا الصلاة كاملة الأركان مستوفاة الشروط، وآتوا الزكاة، أى : الزكاة الواجبة بناء على أن هذه الآية نزلت بالمدينة أو هي زكاة الفطر، أو مطلق إنفاق على أن السورة مكية، وأقرضوا اللّه قرضا حسنا فاللّه غنى قادر سيجازيكم على الدرهم عشرا بل ربما ضاعفه إلى سبعمائة ضعف، فأقرضوه يكن خيرا لكم وأفضل، وما تقدموا لأنفسكم من خير مطلقا تجدوا ثوابه عند اللّه كاملا، وتجدوه عند اللّه هو خيرا مطلقا من العمل مهما كان صعبا، وأعظم أجرا، واستغفروا اللّه على ما فرط منكم فإن من أمراض القلوب الرياء وحب السمعة، وكثيرا ما كان ذلك في الصدقة، فاستغفروا اللّه مما يكون قد حصل إن اللّه غفور رحيم.