ج ٣، ص : ٨٠٧
للمكذبين، هذا يوم لا ينطق فيه الكافر بما ينفعه أصلا، أو عند ذلك لا يتكلم أبدا، ولا يؤذن له فيعتذر « ١ » ويل يومئذ للمكذبين.
هذا يوم الفصل، والقضاء بالعدل، هذا يوم جمعناكم فيه مع الأولين السابقين لكم في الزمن أو المكانة، فهل تستطيعون أن تفلتوا ؟ ! فإن كان لكم كيد به تستطيعون شيئا فافعلوا وكيدوني، يا ويلكم أيها المكذبون! وويل يومئذ للمكذبين!! حال المتقين : إن المتقين الذين اتقوا ربهم وخافوا يوما كان شره مستطيرا هم في ظلال وعيون، أى : قريبون من العيون، تجرى من تحتهم الأنهار فلا يتعبون، وعندهم فواكه كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، فواكه مما يشتهون، ويقال لهم تكريما : كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون، ولا غرابة في ذلك، إنا كذلك نجزى المحسنين، ويل يومئذ للمكذبين الذين يقال لهم في الدنيا : كلوا كما تأكل الأنعام، وتمتعوا قليلا فإنا نستدرجكم إلى يوم الدين، كلوا وتمتعوا بدنياكم، وغدا حسابكم إنكم مجرمون، ويل يومئذ للمكذبين، وكان من سوءاتهم أنه إذا قيل لهم : اركعوا للّه ربكم، واعبدوه وحده، ولا تشركوا به شيئا لا يركعون، وقيل : المراد بالركوع ركوع الصلاة.
ويل يومئذ للمكذبين! الويل لهم والهلاك لهم والثبور، حيث لم يشكروا النعم ولم يخافوا النقم فالويل لهم ثم الويل لهم!! إذا كان الأمر كذلك وأنهم لم يؤمنوا بهذا الحديث العجيب، فبأى حديث بعده يؤمنون ؟ ؟ إذ هو الكتاب الكامل الذي جمع فأوعى، وهكذا المغضوب عليهم يقضون حياتهم لا ينتفعون بحكمة ولا يهتدون بنور.

_
(١) قرئت بالرفع لأن نصبها يشعر بأنهم قد يعتذرون لو أذن لهم، والقرآن يريد لمن يصفهم أنهم لا يعتذرون أصلا أو لم يؤذن لهم.


الصفحة التالية
Icon