ج ٣، ص : ٨١٤
المشروبات والمستلذ من الطيبات، وهم لا يسمعون لغوا ولا كذابا، وقد جزاهم اللّه على أعمالهم جزاء، قد تفضل به وأحسن، جزاء من صاحب الفضل والنعمة رب السموات والأرض، وكان جزاء كفاء لما قدموا، وهذا وصف آخر ليوم القيامة يملأ القلوب خشية، والنفوس روعة ورهبة، كل الناس يوم القيامة لا يملكون من الحق - تبارك وتعالى - رب السماء والأرض الرحمن لا يملكون منه خطابا، ولا يقدر أحد على ابتداء مخاطبته إلا بإذنه يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ « ١ » في هذا اليوم يقوم الروح جبريل والملائكة بين يدي الرب - سبحانه وتعالى - صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا!! يا سبحان اللّه!! يقوم الروح والملائكة بين يدي الجبار المتكبر المتعالي، لا يسمح لأحد بالنطق إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا بأن تشفع لمن يستحق الشفاعة! أين الأصنام والشركاء الذين يظنون أنهم شفعاء للّه ؟ !! أين الناس جميعا ؟ ! وقد وقف جبريل والملائكة بين يدي الجبار ينتظرون الإشارة منه ؟ ! ذلك اليوم الحق، نعم هو اليوم الحق الذي لا شك فيه، ولا مرية.
إذا كان الأمر كذلك فمن شاء فليتخذ مآبا إلى ربه، وليعمل عملا صالحا يقربه إليه.
ثم عاد إلى تهديد الكفار المكذبين بيوم القيامة الذين يتساءلون عنه محذرا لهم من عاقبة عنادهم وتكذيبهم. إنا أنذرناكم عذابا قريبا حصوله إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً « ٢ » يوم ينظر المرء ما قدمت يداه فقط، يوم لا يرى فيه أبدا إلا عمله، يوم يقول الكافر :
ليتني كنت ترابا لم أخلق، يقول ذلك من شدة هول ما يلقى، ويتمنى أن لو كان جمادا أو حيوانا غير مكلف.
(١) سورة هود آية ١٠٥. [.....]
(٢) سورة المعارج الآيتان ٦ و٧.