ج ٣، ص : ٨٢١
إذا جاءت الطامة يفصل ربك بين الخلائق، فمنهم شقي، ومنهم سعيد، فأما الشقي فهو الذي طغى وتجاوز الحدود وآثر الحياة الدنيا، فكانت الجحيم هي المأوى، وبئس المصير، وأما السعيد فهو من خاف مقام ربه، وخاف قيامه بين يدي العزيز الجبار يوم القيامة، وقد نهى النفس عن هواها، وألزمها كلمة التقوى، فكانت الجنة هي المأوى ونعم القرار. أرأيت أسباب دخول جهنم وأنها هي الطغيان والظلم، وحب الدنيا وترك العمل للآخرة ؟ وأسباب دخول الجنة وأنها معرفة اللّه والخوف منه، ونهى النفس عن اتباع الهوى ؟ ! وقد كانوا يسألون النبي صلّى اللّه عليه وسلّم استهزاء بالساعة قائلين : متى تكون ؟ ويقصدون بذلك إنكار الوقوع، فيرد اللّه عليهم على طريق الاستفهام الإنكارى مخاطبا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ليكون أتم وأبلغ : فيم أنت من ذكراها ؟ على معنى : في أى شيء أنت حتى تذكر لهؤلاء وقت حصولها ؟ واللّه وحده عنده علم الساعة، وإلى ربك وحده منتهاها، وإنما أنت منذر فقط من يخشاها، وليس عليك إلا البلاغ فلا يهمنك أمرهم، ولا تشغل بطلبهم، وكأنك بهم يوم يرونها، تراهم كأنهم لم يلبثوا في هذه الدنيا إلا عشية أو ضحاها وقد انقضت، فإذا هم فيما أنكروه واقعون.


الصفحة التالية
Icon