ج ٣، ص : ٨٢٦
المعنى :
هكذا الشأن بعد تعداد النعم، والتذكير بآلاء اللّه - تعالى - التي تقتضي من الإنسان النظر ا لصحيح والبعد عن الكبر والكفر والفجور، أخذ اللّه - سبحانه وتعالى - يذكرنا بيوم القيامة وأهواله التي تجعل الإنسان يذهل عن أحب الناس إليه، فإذا وقعت الواقعة وجاءت الصاخة، يوم يفر المرء ويتباعد عن أخيه ولا يأخذ بناصره ولا يواليه يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً « ١ » وقد كان في الدنيا يستنصر به ويعتز، بل يفر كذلك من أبويه، أمه وأبيه، بل يفر كذلك من الذين يتعلق بهم قلبه أشد من غيرهم كزوجة وبنيه وكيف لا يكون ذلك ؟ ولكل امرئ منهم يومئذ شيء يصرفه ويصده عن قرابته وأهله، ويوم القيامة ترى وجوها مضيئة متهللة فارغة البال ضاحكة السن مستبشرة فرحة، تلك هي وجوه المؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وهناك وجوه أخرى عليها غبرة ويعلوها سواد فهم في هم وحزن وكمد، أولئك هم الكفرة الذين كفروا باللّه ورسوله ولم يؤمنوا باليوم الآخر وكانوا في الدنيا فجرة قد خرجوا عن حدود الشرع والعقل والعرف الصحيح، واجترحوا السيئات فكان جزاؤهم ذلك وبئس المصير.

_
(١) - سورة الدخان آية ٤١.


الصفحة التالية
Icon