ج ٣، ص : ٨٢٩
البنات أحياء عربا فيهم ظرف الإسلام، وحكمة المسلمين وغرس فيهم التربية الإسلامية العالية التي قوامها : لا ضرر ولا ضرار، والتمسك بأهداب الفضيلة والمثل العليا.
هذه الموءودة تسأل : لأى ذنب قتلت ؟ ! لم يكن لها ذنب - علم اللّه - وهذا سؤال للتبكيت والتوبيخ والتسجيل عليهم، وإذا الصحف التي كتبت فيها الأعمال، وسجل فيها ما اقترفه كل إنسان، نشرت ليقرأ كل إنسان كتابه، ويعرف عمله وحسابه، وإذا السماء كشطت وأزيلت فلم يعد لها وجود. والظاهر - واللّه أعلم - أن المراد بكشط السماء هو رفع الحجاب فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ « ١ » فترى كل نفس عند ذلك عملها، وتقوم عليها شهودها، فتبصر ما لم تكن تبصره من قبل، وإذا الجحيم سعرت وأحميت نارها وأوقدت، وإذا الجنة أزلفت وقربت وقدمت للمتقين.
وإذا الشمس كورت، وإذا النجوم انكدرت... إلخ ما ذكر هنا من الأمور الاثنى عشر. وجواب هذا الشرط قوله : علمت نفس ما أحضرت، أى : إذا حصل هذا - ما ذكر - علمت نفس ما قدمت من عمل إن كان خيرا فجزاؤه خير، وإن كان شرّا فجزاؤه شر.
وقد فصل هنا ما أجمل في سورة « ق » عند بيان ما يسبق الحساب فقال هناك :
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ وقال هنا : إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ إلى قوله :
وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وهنا أجمل في ذكر ما يحصل يوم الحساب حيث اكتفى بسؤال الموءودة، وتسعير جهنم. وتقريب الجنة، وفي سورة « ق » فصل كثيرا حيث قال :
وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ...... إلخ. الآيات.
اعتاد العرب في كلامهم أنهم إذا أقسموا على إثبات أمر واضح ظاهر، قالوا :
لا أقسم إشارة إلى أنه لا يحتاج إلى قسم، وقيل : إنه يؤتى بلا في القسم إذا أريد تعظيم المقسم به على ما فصلناه عند قوله : لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ « ٢ » وعلى ذلك يمكننا أن نفهم قوله تعالى هنا : فلا أقسم بالخنس.
(١) - سورة ق آية ٢٢.
(٢) - سورة القيامة الآية الأولى