ج ٣، ص : ٨٣٥
وأقدر، الذي خلقك فسواك وجعلك حسن الصورة كامل الهيئة سالما في أعجب الصور وأتقنها وأجملها وأدقها وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ الأعضاء، الذي خلقك فعدلك وصيرك معتدلا متناسب الخلق منتصب القامة، فلست كبقية الحيوان، وقد عدلك، أى صرفك عن صورة غيرك.
« كلا » ارتدع عن الاغترار بمولاك، ولا تجعل كرمه حجة لعصيانه فتلك حجة المغرورين المخدوعين، فقد خلقك في صورة حسنة كاملة وركّبك في أى صورة شاءها.
ولكنكم يا معشر العصاة والكفار لا ترتدعون بل تكذبون بيوم الدين، أو تكذبون بدين الإسلام، والحال أن اللّه جعل عليكم حافظين : ملائكة تكتب أعمالكم وتحفظها ليوم الدين، وهم كرام بررة، كاتبون للأعمال : خيرها وشرها، يعلمون كل ما تفعلون.
ويوم القيامة تعرفون وتندمون ولات ساعة مندم.
وما نتيجة هذا الحفظ والكتب من الملائكة ؟ النتيجة : إن الأبرار لفي نعيم مقيم، وإن الفجار لفي جحيم مقيم، يصلونها ويحترقون بنارها يوم الدين. أما الأبرار فأولئك هم العاملون المؤمنون باللّه وباليوم الآخر وبالملائكة والكتاب والنبيين، الذين آتوا المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين، وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، ووفوا بالعهود، وصبروا في البأساء والضراء وحين البأس أولئك هم الذين صدقوا اللّه في إيمانهم، وأما الفجار فهم على النقيض من ذلك كله.
وما أدراك ما يوم الدين ؟ ثم ما أدراك ما يوم الدين ؟ ! وهذا تعجب من حال الإنسان الذي لا يعرف هذا اليوم الشديد ولا يعمل له لينجو من عذابه.