ج ٣، ص : ٨٤١
وهذه بعض سيئات الفجار لأنهم فجار، ولذلك أخرها إلى هنا بعد بيان جزاء الفريقين في الآخرة.. إن الذين أجرموا واعتادوا فعل الشنيع من الأعمال كانوا يضحكون من الذين آمنوا، ويستهزئون بهم، وإذا مروا بهم يتغامزون، ويشيرون إليهم استهزاء بهم، وإذا انقلبوا إلى أهلهم بعد هذا انقلبوا فكهين مسرورين، لأنهم آذوا المسلمين واستهزءوا بهم، وكانوا إذا رأوهم قالوا : إن هؤلاء المؤمنين لقوم ضالون عن الطريق السوى طريق آبائهم وأجدادهم، وهل أرسل أولئك الفجار حافظين وشاهدين على المسلمين ؟ لا، إنهم ما أرسلوا عليهم حافظين.
ولكن أيترك ربك عباده وأولياءه بدون جزاء ؟ إنه جازى كلا على عمله فجازى الكفار بجهنم وسعيرها، وجازى المؤمنين بالجنة ونعيمها، فاليوم الذي فيه المؤمنون ينعمون بجنة الخلد، والكفار يصلون فيه بنار الجحيم : في هذا اليوم يضحك المؤمنون من الكفار لا ضحك الجاهل المغرور بل ضحك الموفق المسرور، ضحك من وصل إلى نتيجة عمله بعد طول المشقة، وبعد المسافة ضحك من انكشف له الحق فسر له لأنه حق، وهم على الأرائك ينظرون صنع اللّه وفعله المحكم الدقيق.
هل جوزي الكفار على أعمالهم ؟ نعم، هل جوزي المسلمون على أفعالهم ؟ نعم وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.