ج ٣، ص : ٨٥
دون أحد، فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون ما بين ضربة وطعنة ورمية وما عرفته أخته إلا ببنانه ».
وهذا معنى قوله تعالى : بعض المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه فوفوا عهودهم وأدوا حق الإسلام عليهم فمنهم من مات ومنهم من ينتظر الموت وما بدلوا من حكم اللّه تبديلا، والآية عامة إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وقد يقول قائل : إذا كان المسلمون على حق فلم هذا التعذيب والإيلام في الحرب والقتال ؟ ولقد أجاب اللّه عن هذا بقوله : وإنما يحصل لهم ذلك ليمحص اللّه الذين آمنوا ويمحق الكافرين، وليجزي اللّه الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء اللّه أو يتوب عليهم فيوفقهم إلى التوبة الصادقة، إن اللّه كان غفورا رحيما.
نهاية الغزوة :
ورد اللّه الذين كفروا بغيظهم كأبى سفيان وعيينة بن حصن ومن معهما لم ينالوا خيرا بل هتكوا سترهم وافتضح أمرهم ورجعوا بخفي حنين، وأثبتوا للعرب جميعا أن قوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وصحبه الذين أخرجوا من ديارهم مطرودين بلا مال ولا زاد أصبحت تلك القوة تضارع قوى العرب مجتمعة متحزبة مع قوة اليهود المالية.
وكفى اللّه المؤمنين القتال، فهو الذي أوقع الرعب في نفوس الأحزاب وثبت قلوب المؤمنين على الحق حتى جاءهم النصر من عند اللّه العزيز الحكيم.
نهاية من ظاهر المشركين من اليهود :
رجعت الأحزاب من قريش وغطفان إلى ديارهم وقد ملئت قلوبهم غيظا وحزنا لم ينالوا خيرا، وبقي اليهود في المدينة كالمجرم الآثم الذي ظهرت أدلة جرمه وهو ينتظر حكم القضاء فيه.
أما المسلمون فقد امتلأت قلوبهم غيظا وحقدا من أولئك اليهود المنافقين الذين عاهدوهم ونقضوا عهدهم وظاهروا عليهم أعداء من المشركين وخاصة بنى قريظة الذين لم يروا في جوار محمد وصحبه إلا كل بر ووفاء، لهذا كله اندفع المسلمون ضحوة اليوم الذي ذهب فيه الأحزاب إلى قتال بنى قريظة ونادى النبي في المسلمين محدثا عن الروح