ج ٣، ص : ٨٥١
جمع تريبة، وهي عظام الصدر التي يوضع عليها القلادة. تُبْلَى السَّرائِرُ المراد :
تظهر السرائر وتعلم المكنونات. ذاتِ الرَّجْعِ : ذات الماء أو المطر.
الصَّدْعِ : هو الشق، وقيل : هو النبات الذي يصدع الأرض، أى : يشقها.
فَصْلٌ : فارق بين الحلال والحرام. يَكِيدُونَ كَيْداً الكيد : المكر، وهو إذا أسند إلى اللّه لا يعقل أن يكون على حقيقته وإنما يكون المقصود منه الوصول بالإنسان إلى جزاء عمله من حيث لا يشعر. فَمَهِّلِ : فتأن عليهم وتريث. رُوَيْداً :
إمهالا يسيرا.
المعنى :
أقسم الحق - تبارك وتعالى - بالسماء وما فيها من أفلاك وأجرام لا يعلمها إلا هو، وبالطارق الذي يطرق ليلا، وهذا توجيه ولفت لأنظار الناس إلى عالم السماء وما فيها.
ولكنا لم نعرف الطارق فأراد الحق أن يبينه فقال : وما أدراك ما الطارق ؟ وهذا أسلوب تفخيم للطارق، كأنه لفرط فخامته لا يحيط به وصف، إلا ما سيذكره اللّه عنه، هو النجم الثاقب الذي يثقب الظلام بشعاعه اللماع، أقسم بالنجم لما له من أثر كبير في الهداية الحسية والمعنوية والشئون الحيوية الأخرى.
واللّه - جل شأنه - يقسم على أن كل نفس من النفوس عليها رقيب وحفيظ، وليست في النفوس نفس تترك هملا بلا حساب ولا رقابة، ومن هو الحفيظ ؟ هو اللّه فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ « ١ » وقيل : هو الملك الموكل بالإنسان.
فإذا كنت في شك من ذلك فلينظر الإنسان إلى نفسه وكيف خلق ؟ ! إنه خلق من ماء دافق : ماء مصبوب، يخرج من بين صلب الرجل وترائب المرأة، وهذا الماء السائل كيف يتكون منه خلق سوى ؟ وإنسان كامل في كل شي ء! لا يعقل أن يكون ذلك بمحض الصدفة أو بفعل الطبيعة، وإلا لكانت كل الخلائق سواء.
هذا الخلق بهذا الشكل، وعلى تلك الصورة دليل على أن لكل نفس رقيبا وحفيظا يراقب ذلك كله ويدبره، وينقله من حال إلى حال، ولا يعقل أن تترك تلك النفوس سدى بلا ثواب أو عقاب، الإنسان خلق من ماء دافق خارج من صلب الرجل وترائب

_
(١) - سورة يوسف آية ٦٤.


الصفحة التالية
Icon