ج ٣، ص : ٨٦٢
المفردات :
ابْتَلاهُ : اختبره بما فعله معه. وَنَعَّمَهُ : صيره مكرما يتمتع بالنعم.
وَلا تَحَاضُّونَ : لا يحض بعضكم بعضا على إطعام المسكين. التُّراثَ :
الميراث. لَمًّا : شديدا. جَمًّا : كثيرا. دُكَّتِ الْأَرْضُ الدك : الدق والهدم، ومنه : اندك سنام البعير : إذا انغرس في ظهره. وَلا يُوثِقُ الوثاق : الشد والربط بالسلاسل والأغلال. الْمُطْمَئِنَّةُ : المستقرة الثابتة المتيقنة بالحق فلا يخالجها فيه شك.
المعنى :
هذا هو الرب - سبحانه - مع المخلوقين، فإن أردت أن تعرف الإنسان : فأما إذا ما ابتلاه بالخير في الدنيا أصابه الغرور، وقال : إن اللّه أكرمنى، ومن يكرمه اللّه في الدنيا فلا يعذبه في الآخرة مهما فعل من المعاصي، وإذا ما ابتلاه بأن ضيق عليه رزقه يقول : ربي أهاننى، ويظن أن من صغرت قيمته عند ربه لم يبال به ولا بعمله فتراه قد وقع في المعاصي وانخرط مع الجبارين، فكأن الغنى والفقر امتحان لا ينجو منه إلا قليل، لم يبتل اللّه الإنسان بالغنى لكرامته عنده، وإلا لما رأيت كثيرا من الصالحين المقربين فقراء ليس عندهم ما يكفيهم كلا : لم تكن الدنيا دليلا على هذا وذاك، وكان العرب يظنون أنهم على شيء يرضى اللّه، وكانوا يتوهمون أنهم على دين أبيهم إبراهيم الخليل فرد اللّه عليهم بأنهم ليسوا على شيء بدليل أنهم لا يكرمون اليتيم بل يأخذون ماله ظلما، ولا يحسنون إليه، ولا يحض بعضهم بعضا على إطعام المساكين، فكرمهم للرياء والسمعة، لا للإنسانية. وهم يأكلون الميراث أكلا بنهم وشدة، ويحبون المال أيا كان حبا شديدا كثيرا، أليس هذا دليلا على أن هؤلاء الكفار المغرورين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة، وأنهم ليسوا على شيء يرضى اللّه ولا يرضى أحدا من أنبيائه.


الصفحة التالية
Icon