ج ٣، ص : ٨٧٥
وأيدك ورعاك، وقد ولد النبي يتيما إذ مات أبوه وهو في بطن أمه، فلما ولد عطف اللّه قلب جده عليه فرعاه وحنا عليه حنوا كثيرا، ثم لما مات جده عبد المطلب كفله عمه أبو طالب بأمر من جده، وكان شديد الحرص عليه كثير العطف والحماية له.
وقد كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ذا روح قوية نقية طاهرة فكان يرى أن قومه على ضلال، وأن الأديان المحيطة بهم كاليهودية، فأصابته حيرة من أمره، وفر من هذا المجتمع، وحبب إليه الخلاء والمكث في الغار حتى أنقذه اللّه من حيرته، وهداه إلى أسمى شريعة وأعظم دين :
وهذه الحيرة التي كان فيها النبي صلّى اللّه عليه وسلّم هي التي عبر عنها القرآن بالضلال، وإلا فالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم نشأ طاهرا مطهرا لم يدنس نفسه بالسجود إلى صنم، ولم يقترف فاحشة أبدا، بل ذهب مرة ليستمع إلى حفل فيه غناء فنام حتى أيقظته الشمس، وهو الملقب بالأمين، وقد كان فقيرا - لم يرث عن أبيه إلا ناقة وجارية - فأغناه اللّه بالقناعة، وجعله عزوفا عن الدنيا، وأدر عليه بعض المال من تجارته في مال خديجة، إذا كان الأمر كذلك وقد غمرك اللّه بفضله يا محمد، فأما اليتيم فلا تقهره أبدا، وأنت سيد الأيتام وزعيمهم، وأما السائل فلا تنهره، وقد كنت ضالا فهداك اللّه، وأما بنعمة ربك فحدث بالإنفاق، وقد كنت فقيرا فأغناك اللّه.


الصفحة التالية
Icon