ج ٣، ص : ٩٢
المفردات :
يَقْنُتْ القنوت : الطاعة في سكون والعبادة في خشوع مَرَضٌ : تطلع إلى الفسق والفجور وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ يقال : قررت في المكان أقر به : إذا أقمت فيه وَلا تَبَرَّجْنَ التبرج : الظهور مع إظهار ما يجب ستره الرِّجْسَ : الدنس الحسى وَالْحِكْمَةِ هي حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
المعنى :
لما كان أزواج النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في بيت النبوة، ومصدر العلم والمعرفة، ومنبع الحكمة وأساس الهداية كان الذنب منهن كبيرا، والمعصية الصغيرة في قوة الكبيرة، لذلك ضاعف اللّه لهن الجزاء ضعفين إذا أتين بفاحشة مبينة، ومن يقنت منهن للّه ورسوله، وتعمل صالحا في سكون وخشوع وقنوت، مع إخلاص في النية وصدق في الطوية لقربهن من رسول اللّه وشرفهن بصحبته، وتمتعهن بنور الوحى. من يقنت منهن يؤتها اللّه أجرها مرتين، ويضاعف لها الثواب ضعفين، وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً نعم وقد أعد اللّه وهيأ رزقا كريما - لم يجر على يد أحد - في الجنة، ولا غرابة فهن في منازل رسول اللّه في أعلى عليين فوق منازل البشر جميعا تكريما للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم.
وهذه آداب إلهية أمر اللّه - تعالى - بها نساء النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ونساء الأمة تبع لهن في ذلك، وكلها تهدف إلى بعد المرأة عن منطقة الخطر، واجتنابها الطرق التي قد تؤدى بها إلى الوقوع في المعصية، ونساء النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أولى الناس بالبعد التام عن هذا كله، وإنما جاء الخطاب لهن أولا لأنهن في مركز القيادة وفي بيت النبوة وهن أمهات المؤمنين، وعندهن الكثير من الأخبار، والناس في أشد الحاجة لمعرفة سيرة الرسول إذ هو القدوة الحسنة للمسلمين، فنساؤه معرضات للتحدث معهن وسؤالهن عن الوحى والحديث، فكان النهى أولا، وليعلم الجميع أن هذا دواء أعطى أولا لأطهر النساء وأعفهن على اللّه، وفي قبوله فليتنافس المتنافسون.
يا نساء النبي لستن كأحد من النساء في الفضل والشرف والقرب من الرسول مصدر الخير والنور، وهذا كقولهم : إن فلانا ليس كآحاد الناس، على معنى أن فيه مزية وأفضلية ليست في غيره، ونساء كذلك.


الصفحة التالية
Icon