لطائف الإشارات، ج ١، ص : ١٥٣
عليه السّلام - لرؤيته - عائدة عند أهل التحقيق إلى الحق سبحانه، فالعلماء يقولون معناه عندهم صوموا إذا رأيتم هلال رمضان وأفطروا لرؤية هلال شوال، وأما الخواص فصومهم للّه لأن شهودهم اللّه وفطرهم باللّه وإقبالهم على اللّه والغالب عليهم اللّه، والذي «١» هم به محو - اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة البقرة (٢) : آية ١٨٤]
أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤)
من شهد الشهر صام للّه، ومن شهد خالق الشهر صام باللّه، فالصوم للّه يوجب المثوبة، والصوم باللّه يوجب القربة. الصوم للّه تحقيق العبادة والصوم باللّه تصحيح الإرادة. الصوم للّه صفة كل عابد والصوم باللّه نعت كل قاصد. الصوم للّه قيام بالظواهر والصوم باللّه قيام بالضمائر. الصوم للّه إمساك من حيث عبادات الشريعة والصوم باللّه إمساك بإشارات الحقيقة.
من شهد الشهر أمسك عن المفطرات ومن شهد الحق أمسك فى جميع أوقاته عن شهود المخلوقات.
من صام بنفسه سقى شراب السلسبيل والزنجبيل، ومن صام بقلبه سقى شراب المحاب بنعمة الإيجاب.
ومن صام بسرّه فهم الذين قال فيهم اللّه تعالى :«وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً».
شراب يا له من شراب!! شراب لا يدار على الكف لكنه يبدو له من اللطف.
شراب استئناس لا شراب كاس.
قوله تعالى :«فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» أي من أفطر لهذه الأعذار فعليه صوم عدة أيام بعدد ما أفطر قضاء لذلك. الإشارة لمن سقمت إرادته عن الصحة فيرجع إلى غيره إما لرخصة تأويل أو لقلة قوة واحتمال، أو عجز للقيام بأعباء أحكام الحقيقة

_
(١) وردت (و الذين) وهو خطأ من الناسخ.


الصفحة التالية
Icon