لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٢٠٤
و يقال ينفقون ما ينفقون ثم لا يشهدون البتة أفعالهم ولا أعمالهم.
و يقال كيف يمنون بشىء تستعذرونه وتستحقونه.
ويقال لا يمنون بفعلهم بل يشهدون المنة للّه بتوفيق ذلك عليهم.
قوله جل ذكره :
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٦٣]
قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَ مَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَ اللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣)
يعنى قول - للفقير المجرد - يرد به من تعرض له بإظهار العذر خير وأتم من صدقة المعجب بفعله، وما يتبع من إلزام المنة فيه.
ويقال إقرار منك مع اللّه بعجزك وجرمك، وغفران اللّه لك على تلك القالة - خير من صدقة بالمنّ مشوبة، وبالأذى مصحوبة.
قوله جل ذكره :
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٦٤]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٢٦٤)
إنما يحمل جميل المنة من الحق سبحانه، فأمّا من الخلق فليس لأحد على غيره منّة فإنّ تحمل المنن من المخلوقين أعظم محنة، وشهود المنة من اللّه أعظم نعمة، قال قائلهم :
ليس إجلالك الكبار بذلّ إنما الذّلّ أن تجلّ الصّغارا
و يقال أفقر الخلق من ظنّ نفسه موسرا فيبين له إفلاسه، كذلك أقل الخلق قدرا من ظن أنه على شىء فيبدو له من اللّه ما لم يكن يحتسبه.


الصفحة التالية
Icon