لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٢١٨
ويشهد بسره «اللّه»، ويتملق «١» بظاهره بين يدى اللّه، ويتحقق بسرّه اللّه، ويخلو بأحواله للّه وفى اللّه فلا يكون فيه نصيب لغير اللّه، وإذا أشرف على أن يصير محوا فى اللّه للّه باللّه تداركه الحق سبحانه برحمته فيكاشفه بقوله «٢» الرحمن الرحيم استبقاء لمهجتهم أن تتلف، وإرادة فى قلوبهم أن تنقى فالتلطف سنّة منه سبحانه لئلا يفنى أولياؤه بالكلية.
قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (١) اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢)أشار بقوله ألف إلى قيامه بكفايتك على عموم أحوالك، فأنت فى أسر الغفلة لا تهتدى إلى صلاحك ورشدك، وهو مجر ما يجبرك، وكاف بما ينصرك، فبغير سؤالك - بل بغير علمك بحالك - يكفيك من حيث لا تشعر، ويعطيك من غير أن تطلب.
و الإشارة من اللام إلى لطفه بك فى خفىّ السّر حتى أنه لا يظهر عليك محل المنة فيما يثبتك فيه. والإشارة من الميم لموافقة جريان التقدير بمتعلقات الطّلبة من الأولياء، فلا يتحرك فى العالم شى ء، ولا تظهر ذرة إلا وهو بمحل الرضا منهم حتى أن قائلا لو قال فى قوله :«كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ» إن ذلك الشأن تحقيق مراد الأولياء - لم يكن ذلك ببعيد.
ويقال تفرّق عن القلوب - باستماع هذه الحروف المقطعة التي هى خلاف عادة الناس فى التخاطب - كلّ معلوم ومرسوم، ومعتاد وموهوم، من ضرورة أو حسّ أو اجتهاد، حتى إذا خلت القلوب عن الموهومات والمعلومات، وصفىّ الأسرار عن المعتادات والمعهودات يرد هذا الاسم وهو قوله :«اللّه» على قلب مقدّس من كل غير، وسرّ مصفىّ عن كل كيف فقال «الم اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ».
فهو الذي لا يلهو فيشتغل عنك، ولا يسهو فتبقى عنه، فهو على عموم أحوالك رقيب سرّك إن خلوت فهو رقيبك، وإن توسطت الخلق فهو رقيبك «٣»، وفى الجملة - كيفما دارت بك الأحوال - فهو حبيبك.
_
(١) استخدم القشيري هذا الفعل فى موضع مماثل عند قوله (تذكير ما سلف من الإنعام فتح لباب التملق فى اقتضاء أمثاله فى المستقبل) وفى موضع آخر (فيحمله صدق الإرادة على التملق والتضرع ص ٢٤٨ من هذا الجزء.
(٢) وردت (بقو).
(٣) وردت فهو (قريبك) والمعنى يحتملها ولكن الانسجام فى الأسلوب يتطلب (رقيبك) مكررة
(١) استخدم القشيري هذا الفعل فى موضع مماثل عند قوله (تذكير ما سلف من الإنعام فتح لباب التملق فى اقتضاء أمثاله فى المستقبل) وفى موضع آخر (فيحمله صدق الإرادة على التملق والتضرع ص ٢٤٨ من هذا الجزء.
(٢) وردت (بقو).
(٣) وردت فهو (قريبك) والمعنى يحتملها ولكن الانسجام فى الأسلوب يتطلب (رقيبك) مكررة