لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٢٣٠
[سورة آل عمران (٣) : آية ٢٥]
فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَ وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٥)
هذه كلمة تعجب لما أخبر به عن تعظيم الأمر، وتفخيم الشأن عند بهتة عقولهم ودهشة أسرارهم، وانقطاع دواعيهم، وانخلاع قلوبهم من مكامنها، وتراقيها إلى تراقيهم، ثم ما يلقونه من الحساب والعتاب، والعذاب والعقاب، وعدم الإكرام والإيجاب، وما فى هذا الباب.
وقيامة الكفار يوم الحشر، وقيامة الأحباب فى الوقت، ولشرح هذا تفسير طويل «١» قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : آية ٢٦]
قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَ تُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦)
«اللَّهُمَّ» معناها يا اللّه والميم فى آخرها بدل عن حرف النداء وهو يا. فهذا تعليم الحق كيفية الثناء على الحق، أي صفنى بما أستحقّه من جلال القدر فقل : يا مالك الملك لا شريك لك ولا معين، ولا ظهير ولا قرين، ولا مقاسم لك فى الذات، ولا مساهم فى الملك، ولا معارض فى الإبداع.
تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ.
حتى نعلم أن الملك لك، والملك من المخلوقين من تذلّل له، ومنزوع الملك ممن تكبّر عليه فتجمّل الخلق فى تذللهم للحق، وعزّهم فى محوهم فيه، وبقاؤهم فى فنائهم به وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ بعز ذاتك.
وَ تُذِلُّ مَنْ تَشاءُ.
بخذلانك.
وتعز من تشاء بأن تهديه ليشهدك ويوحدك، وتذل من تشاء بأن يجحدك ويفقدك. وتعزّ

_
(١) من كلام القشيري فى هذا الخصوص فى موضع آخر من هذا الكتاب :
(و القيامة عند هؤلاء تقوم كل يوم غير مرة بالهجر والنوى والفراق، وليس لها كاشف غيره سبحانه)


الصفحة التالية
Icon