لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٢٣٥
قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : آية ٣١]
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١)
«تُحِبُّونَ اللَّهَ» فرق، و«يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» جمع.
«تُحِبُّونَ اللَّهَ» مشوب بالعلة، و«يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» بلا علّة، بل هو حقيقة الوصلة.
ومحبة العبد للّه حالة لطيفة يجدها من نفسه، وتحمله تلك الحالة على موافقة أمره على الرضا دون الكراهية، وتقتضى منه تلك الحالة إيثاره - سبحانه - على كل شىء وعلى كل أحد.
وشرط المحبة ألا يكون فيها حظّ بحال، فمن لم يفن عن حظوظه بالكلّية فليس له من المحبة شظيّة.
ومحبة الحق للعبد إرادته إحسانه إليه ولطفه به، وهى إرادة فضل مخصوص، وتكون بمعنى ثنائه سبحانه عليه ومدحه له، وتكون بمعنى فضله المخصوص معه، فعلى هذا تكون من صفات فعله.
ويقال شرط المحبة امتحاء كليتك عنك لاستهلاكك فى محبوبك، قال قائلهم.
وما الحب حتى تنزف العين بالبكا وتخرس حتى لا تجيب المناديا
و هذا فرق «١» بين الحبيب والخليل قال الخليل :«فمن تبعني فإنه منى».
وقال الحبيب :«فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ».
فإن كان متّبع الخليل «منه» إفضالا فإن متابع الحبيب محبوب الحقّ سبحانه، وكفى بذلك قربة وحالا.
ويقال قطع أطماع الكافة أن يسلم لأحد نفس إلا ومقتداهم وإمامهم سيد الأولين والآخرين محمد صلّى اللّه عليه وسلّم.
ويقال فى هذه الآية إشارة إلى أن المحبة غير معلولة وليست باجتلاب طاعة، أو التجرد

_
(١) وردت (فراق) وهى خطأ من الناسخ، إذ المراد التفرقة بين موقف المصطفى (ص) وإبراهيم عليه السّلام.


الصفحة التالية
Icon