لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٢٧٣
صلّى اللّه عليه وسلّم أصلية غير طارئة عليهم، وكيف لا؟ وهو صلوات اللّه عليه محلّ الإقبال وهم محل الإعراض. ومتى يجتمع الليل والنهار؟! قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : آية ١١٩]
ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَ لا يُحِبُّونَكُمْ وَ تُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَ إِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١١٩)
أنتم بقضية كرمكم تصفو - عن الكدورات - قلوبكم فتغلبكم الشفقة عليهم، وهم - لعتوّهم وخلفهم - يكيدون لكم ما استطاعوا، ولفرط وحشتهم لا تترشح منهم إلا قطرات غيظهم. ففرّغ - يا محمد - قلبك منهم.
قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ دعهم يتفردوا بمقاساة ما نداخلهم من الغيظ، واستريحوا بقلوبكم عمّا يحلّ بهم، فإنّ اللّه أولى بعباده يوصل إلى من يشاء ما يشاء.
قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : آية ١٢٠]
إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَ إِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (١٢٠)
الإشارة من هذه الآية إلى المنصرفين عن طريق الإرادة، الراجعين إلى أحوال أهل العادة لا يعجبهم «١» أن يكون لمريد نفاذ، وإذا رأوا فترة لقاصد استراحوا إلى ذلك. وإنّ اللّه - بفضله ومنّته - يتمّ نوره على أهل عنايته، ويذر الظالمين الزائغين «٢» عن سبيله فى عقوبة بعادهم، لا يبالى بما يستقبلهم.

_
(١) أخطأ الناسخ إذ كتبها (لا يعجبكم) والسياق والمعنى يرفضانها.
(٢) وردت (الذائقين) بالقاف وهى خطأ من الناسخ.


الصفحة التالية
Icon