لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٢٧٦
الإله من له الأمر والنهى، فلمّا لم يكن له فى الإلهية نظير لم يكن له - (صلّى اللّه عليه وسلّم) «١» - من الأمر والنهى شى ء.
ويقال جرّده - بما عرّفه وخاطبه - عن كلّ غير ونصيب ودعوى، حيث أخبر أنه ليس له من الأمر شى ء، فإذا لم يجز أن يكون لسيّد الأولين والآخرين شىء من الأمر فمن نزلت رتبته عن منزلته فمتى يكون له شىء من الأمر؟
و يقال استأثر (بستر عباده فى حكمه «٢») فقال أنا الذي أتوب على من أشاء من عبادى وأعذّب من أشاء، والعواقب عليك مستورة، وإنك - يا محمد - لا تدرى سرى فيهم.
ويقال أقامه فى وقت مقاما فقال :«و ما رميت إذ رميت ولكن اللّه رمى» رمى بقبضة من التراب فأصاب جميع الوجوه، وقال له فى وقت آخر :«ليس لك من الأمر شى ء» ثم زاد فى البيان فقال :«و للّه ما فى السموات وما فى الأرض». فإذا كان الملك ملكه، والأمر أمره، والحكم حكمه - فمن شاء عذّبه، ومن شاء قرّبه، ومن شاء هداه، ومن شاء أغواه.
قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٣٠ الى ١٣١]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَ اتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (١٣١)
حرّم الربا على العباد ومنه إقراض الواحد باثنين تستردهما، وسأل منك القرض الواحد بسبعمائة إلى ما لا نهاية له، والإشارة فيه أن الكرم لا يليق بالخلق وإنما هو صفة الحق سبحانه.
وَ اتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ : دليل الخطاب أنّ المؤمن لا يعذّب بها، وإن عذّب بها مدّة فلا يخلّد فيها.
قوله جل ذكره :
[سورة آل عمران (٣) : آية ١٣٢]
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٣٢)

_
(١) أضفناها لتوضيح المعنى.
(٢) ربما كانت فى الأصل هكذا (بسر حكمه فى عباده) لأنه بعد قليل يقول (لا تدرى سرى فيهم) أي أن المستأثر به هو السر، وكذلك كلمة (ستر عباده) مرفوضة فالأولى أنه يستر الحكم، أو العواقب كما جاء بعد قليل.


الصفحة التالية
Icon