لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٣١٣
قوله جل ذكره :
[سورة النساء (٤) : آية ٢]
وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَ لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (٢)
من أقيم بمحلّ الرعاية فجاء على رعيّته فخصمه ربّه فإنه - سبحانه - ينتقم لعباده ما لا ينتقم لنفسه. فولىّ اليتيم إن أنصف وأحسن فحقّه على اللّه، وإن أساء وتعدّى فخصمه اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة النساء (٤) : آية ٣]
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا (٣)
أباح اللّه للرجال الأحرار التزوج بأربع فى حالة واحدة، وأوجب العدل بينهن، فيجب على العبد أن يراعى الواجب فإن علم أنه يقوم بحق هذا الواجب آثر هذا المباح، وإن علم أنه يقصّر فى الواجب فلا يتعرّض لهذا المباح، فإنّ الواجب مسئول عنه.
قوله جل ذكره :
[سورة النساء (٤) : آية ٤]
وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٤)
دلّ هذا على أن طعام الفتيان «١» والأسخياء مرىء لأنهم لا يطعمون إلا عن طيب نفس، وطعام البخلاء ردىء «٢» لأنهم يرون أنفسهم، وإنما يطعمون عن تكلّف لا عن طيب نفس.
قال صلّى اللّه عليه وسلّم :«طعام السخىّ دواء وطعام البخيل داء».

_
(١) الفتيان جمع فتى. والفتوة أصل من أصول الصوفية عماده الإيثار والبذل والصفح والعفو، والأنفة عما فى الكونين إلى غير ذلك من محاسن السلوك التي ينبغى للنفس أن ترتاضها، وأن تتحلى بها حتى يتهيأ العبد لما هو أجل وأعظم، وأن يكون إيثاره للّه وبذله للّه وروحه للّه، لأن من يؤمر بالتزام ذلك بالنسية للمخلوق لا يضن بأضعافه بالنسبة إلى الحق.
(٢) مشتبهة ولكنها أقرب ما تكون إلى (ردى ء) وقد وضعناها مع التحفظ، والمعنى بتقبلها. [.....]


الصفحة التالية
Icon