لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٣١٥
إيناس الرشد العفة والديانة، والسخاء والصيانة، وصحبة الشيوخ، والحرص على مشاهدة الخير، وأداء العبادات على قضية الأمر.
ويقال الرشيد من اهتدى إلى ربّه، وعند ما تسنح له (حاجة) من حوائجه لا يتّكل على حوله وقوّته، وتدبيره واختياره.
قوله جل ذكره :
[سورة النساء (٤) : آية ٧]
لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (٧)
حكم الميراث لا يختلف بالفضل والمنقبة، ولا يتفاوت بالعيب والنقص والذنب فلو مات رجل وخلف ابنين تساويا فى الاستحقاق وإن كان أحدهما برا تقيا والآخر فاجرا عصيّا، فلا للتقى زيادة لتقواه، ولا للفاجر بخس لفجوره، والمعنى فيه أن الميراث ابتداء عطيّة من قبل اللّه، فيتساوى فيه البر والفاجر. كذلك حكم الإيمان ابتداء عطية للمسلمين :
قال اللّه تعالى :«ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا»، ثم قال :«فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ...» الآية.
قوله جل ذكره :
[سورة النساء (٤) : آية ٨]
وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٨)
يريد إذا حضر قسمة الميراث ذوو السهمان «١» والمستحقون، وحضر من لا نصيب لهم فى الميراث من المساكين فلا تحرموهم من ذلك. فإن كان المستحق مولّى عليه، فعدوهم وعدا جميلا وقولوا :«إذا بلغ الصبى قلنا له حتى يعطيك شيئا» وهذا معنى قوله :«وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً». وفى هذا إشارة لطيفة للمذنبين إذا حضروا لعرصته غدا، والحق سبحانه يغفر للمطيعين ويعطيهم ثواب أعمالهم، فمن كان منكم من فقراء المسلمين لا يحرمهم الغفران
(١) السهمان ج سهم.