لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٣٩٧
قوله جل ذكره : أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.
كلّ مكلّف مطالب بالوفاء بعقده، والعقد ما ألزمك بسابق إيجابه، ثم وفّقك - بعد ما أظهرك عند خطابه - بجوابه «١»، فانبرم العقد بحصول الخطاب، والقبول بالجواب.
ويدخل فى ذلك - بل يلتحق به - ما عقد القلب معه سرّا بسرّ من خلوص له أضمره، أو شىء تبيّنه، أو معنى كوشف به أو طولب به فقبله.
ويقال الوفاء بالعهد بصفاء القصد، ولا يكون ذلك إلا بالتبرّى من المنّة، والتحقق بتولي الحق - سبحانه - بلطائف المنّة «٢».
قوله جل ذكره : أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ.
تحليل بعض الحيوانات وإباحتها من غير جرم سبق منها، وتحريم بعضها والمنع من ذبحها من غير طاعة حصلت منها - دليل على ألّا علّة لصنعه.
وحرّم الصيد على المحرم خصوصا لأن المحرم متجرّد عن نصيب نفسه بقصده إليه، فالأليق بصفاته كفّ الأذى عن كل حيوان.
قوله جل ذكره : إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ.
لا حجر عليه فى أفعاله، فيخصّ من يشاء بالنّعماء، ويفرد من يشاء باليلوى فهو يمضى الأمور فى آباده على حسب ما أراد وأخبر وقضى فى آزاله.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٢]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَ لا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ لا الْهَدْيَ وَ لا الْقَلائِدَ وَ لا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَ رِضْواناً وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢)
الشعائر معالم الدّين وتعظيم ذلك وإجلاله خلاصة الدين، ولا يكون ذلك إلا بالاستسلام عند هجوم التقدير، والتزام الأمر بجميل الاعتناق، وإخلال الشعائر (يكون) بالإخلال بالأوامر.
قوله جل ذكره : وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ لَا الْهَدْيَ وَ لَا الْقَلائِدَ.
(١) يشير القشيري إلى قوله تعالى يوم الذر :«أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا بَلى ».
(٢) يفرّق القشيري بين المنة للعبد والمنة للحق. [.....]