لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤١٢
على العفو مزية وهى أن فى العفو رفع الجناح، وفى الصفح إخراج ذكر الإثارة من القلب، فمن تجاوز عن الجاني، ولم يلاحظه - بعد التجاوز - بعين الاستحقار والازدراء فهو صاحب الصفح.
والإحسان تعميم - للجمهور - بإسداء الفضل.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ١٤]
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ سَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١٤)
الإشارة فى هذه الآية أن النصارى أثبت لهم الاسم بدعواهم فقال :«قالُوا إِنَّا نَصارى ».
وسموا نصارى لتناصرهم، وبدعواهم حرّفوا وبدّلوا، وأما المسلمون فقال :«هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ» «١».
كما قال :«وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً» «٢» فلا جرم ألا يسموا بالتناصر. ولمّا سمّاهم الحقّ بالإسلام ورضى لهم به صانهم عن التبديل فعصموا.
ولما استمكن منهم النسيان أبدلوا بالعداوة فيما بينهم، وفساد ذات البين فأرباب الغفلة لا ألفة بينهم. وأهل الوفاء لا مباينة لبعضهم من بعض، قال صلّى اللّه عليه وسلّم :
«المؤمنون كنفس واحدة» «٣»، وقال تعالى فى صفة أهل الجنة :«إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» «٤».
(١) آية ٧٨ سورة الحج.
(٢) آية ٢ سورة المائدة.
(٣) فى رواية الإمام مسلم عن النعمان بن بشير.
المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه اشتكى كله، وإن اشتكى عينه اشتكى كله...» صحيح مسلم ج ٤ ص ٢٧١.
(٤) آية ٤٤ سورة الصافات.