لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤١٩
لئن بدأتنى بالإثارة «١» لم أقابلك كأوصاف أهل الجهل بل أكل أمرى إلى من بيده مقاليد الأمور.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٢٩]
إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَ إِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (٢٩)
تحقّق بأنّ العقوبة لاحقة به على ما يسلفه من الذّنب فرضى بانتقام اللّه دون انتقامه لنفسه.
وقوله :«أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَ إِثْمِكَ» الذي تستوجبه بسبب قتلك إياى، فأضافه إلى نفسه، وإذا رأى المظلوم ما يحلّ بالظالم من أليم البلاء يهون عليه ما يقاسيه ويطيب قلبه.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٣٠]
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٣٠)
لا تستولى هواجس النفوس على صاحبها إلا بعد استتار مواعظ الحق، فإذا توالت العزائم الرديئة، واستحكمت القصود الفاسدة من العبد صارت دواعى الحق خفية مغمورة.
والنّفس لا تدعو إلا (إلى) «٢» اتباع الشهوات ومتابعة المعصية «٣»، وهى مجبولة على الأخلاق المجوسية. فمن تابع الشهوات لا يلبث أن ينزل بساحات الندم ثم لا ينفعه ذلك.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٣١]
فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٣١)
.
(١) وردت (الإشارة) والملائم أن تكون (الإثارة).
٢) سقطت (إلى) من الناسخ والمعنى يستلزمها.
(٣) وردت (العصيبه) ولا معنى لها هنا وإنما الملائم (المعصية).