لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤٢٣
من استوفى أحكام التوبة فتدارك ما ضيّعه، وندم على ما صنعه، وأصلح من أمره ما أفسده - أقبل اللّه عليه بفضله فغفره «١»، وعاد إليه باللطف فجبره.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٤٠]
أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٠)
بيّن أنه لا يعذّب من يعذّب بعلّة، ولا يرحم من يرحم بعلة، وإنما يتصرف فى عبده بحق ملكه، وأنّ الحكم حكمه، والأمر أمره.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٤١]
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَ إِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٤١)
من أقصاه الحقّ عن محلّ التقريب، وأرخى له عنان الإمهال وكله إلى مكره، ولبّس عليه حاله وسرّه، فهو ينهمك فى أودية حسبانه، وإنما يسعى فى أمر نفسه فيعمل بما يعود إليه وباله، فأمر نبيّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - بترك المبالاة بأمثالهم، وقلة الاهتمام بأحوالهم، وعرّفه أنهم بمعزل عن رحمته وإنّ من ردّته القسمة الأزلية لا تنفعه الأعلال

_
(١) غفره أي غطاه وستر خطاياه. [.....]


الصفحة التالية
Icon