لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤٣٦
الربّانىّ من كان للّه وباللّه لم تبق منه بقية لغير اللّه.
ويقال الرّبانىّ الذي ارتقى عن الحدود.
والربانىّ من توقّى الآفات ثم ترقّى إلى الساحات، ثم تلقّى ما كوشف به من زوائد القربات، فخلا عن نفسه، وصفا عن وصفه، وقام لربّه وبربّه.
وقد جعل اللّه الربانيين تالين للأنبياء الذين هم أولو الدّين، فهم خلفاء ينهون الخلق بممارسة أحوالهم أكثر مما ينهونهم بأقوالهم، فإنهم إذا أشاروا إلى اللّه حقق اللّه ما يؤمئون إليه، وتحقق ما علقوا هممهم به.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٦٤]
وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَ لَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَ كُفْراً وَ أَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٦٤)
صغّر سوء قالة الموحّدين - فى اغتياب بعضهم لبعض بعد ما كانوا بالتوحيد قائلين وبالشهادة ناطقين - بالإضافة إلى ما قاله الكفار من سوء القول فى اللّه يعنى أنهم وإن أساءواقولا فلقد كان أسوأ قولا منهم من نسبنا إلى ما نحن عنه منزّه، وأطلق فى وصفنا ما نحن عنه مقدّس.
ثم إن الحق - سبحانه قال :«غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا» فلا ريح الصدق يشمون، ولا نفسا من الحقّ يجدون.


الصفحة التالية
Icon