لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤٤٣
ما للنصارى من التّرهّب أثر فيهم (بالمقاربة) «١» من أهل الحق فإنهم وإن لم ينتفعوا بهم من حيث الخلاص فقد ذكرهم اللّه سبحانه - بمقاربة أهل الاختصاص.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٨٣]
وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)
هذه صفة من نظر إليه الحق نظر القبول، فإذا قرعت سمعهم دعوة الحقّ ابتسمت البصيرة فى قلوبهم، فسكنوا إلى المسموع لما وجدوا من التحقيق.
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٨٤]
وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ ما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَ نَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤)
و أي عذر لنا فى التعريج فى أوطان الارتياب، وقد تجلّت لقلوبنا الحجج؟ ثم ما نؤمله من حسن العاقبة. متى بدونه يمكن أن نطلبه؟
قوله جل ذكره :
[سورة المائدة (٥) : آية ٨٥]
فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥)
لمّا صدقت آمالهم قابلها بالتحقيق، سنّة منه - سبحانه - ألا يخيب راجيه، ولا يرد مؤمليه «٢»، وإنما علّق الثواب على قول القلب الذي هو شهادة عن شهوده، فأمّا النظر المنفرد عن البصيرة فلا ثواب عليه ولا إيجاب «٣».

_
(١) وردت (بالمقارنة) والصواب أن تكون (المقاربة) فقد وردت كذلك فيما بعد إشارة إلى ما فى الآية (أقربهم مودة...). وربما قبلنا (المقارنة) على أساس مقارنة النصارى باليهود.
(٢) وردت (مؤلميه) وهى خطأ فى النسخ.
(٣) لاحظ هنا قيمة الإيمان النظري بالقياس إلى الإيمان القلبي ومغزى ذلك فى التسامح الديني.


الصفحة التالية
Icon