لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤٦٠
قوله جل ذكره وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ.
خلق ظلمة الليل وضياء النهار، ووحشة الكفر والشرك، ونور العرفان والاستبصار.
ويقال جعل الظلمات نصيب قوم لا لجرم سلف، والنور نصيب قوم لا لاستحقاق سبق، ولكنه حكم به جرى قضاؤه.
و يقال جعل ظلمات العصيان محنة قوم، ونور العرفان نزهة قوم.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنعام (٦) : آية ٢]
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢)
أثبت الأصل من الطين وأودعها عجائب (السير) «١»، وأظهر عليها ما لم يظهر على مخلوق، فالعبرة بالوصل لا بالأصل فالوصل قربة والأصل تربة، الأصل من حيث النّطفة والقطرة، والوصل من حيث القربة والنّصرة.
قوله «ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ» : جعل للامتحان أجلا، ثم جعل للامتنان أجلا، فأجل الامتحان فى الدنيا، وأجل الامتنان فى العقبى.
ويقال ضرب للطلب أجلا وهو وقت المهلة، ثم عقبه بأجل بعده وهو وقت الوصلة فالمهلة لها مدى ومنتهى، والوصلة بلا مدى ولا منتهى فوقت الوجود له ابتداء وهو حين تطلع شموس التوحيد ثم يتسرمد «٢» فلا غروب لها بعد الطلوع.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنعام (٦) : آية ٣]
وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ وَ يَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ (٣)
.

_
(١) إما ان تكون (السير) جمع سيرة او تكون (السير) مصدر سار يسير، ولا نستبعد.
انها فى الأصل (السر) فالسر - كما يقول صاحب اللمع - هو خفاء بين العدم والوجود (اللمع ص ٤٣٠) [.....]
(٢) وفى ذلك يقول الشبلي :
تسرمد وقتى فيك وهو مسرمد وأفنيتني عنى فصرت مجردا
(اللمع ص ٤٤٢)


الصفحة التالية
Icon