لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤٦٧
قوله جل ذكره :
[سورة الأنعام (٦) : آية ٢٧]
وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧)
يعنى حين ينجز للعبد ما وعده له من القربة يشغل من شاء بنوع من العلة حتى لا يطلع أحد على محل الأسرار.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنعام (٦) : آية ٢٨]
بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٢٨)
غدا يوم تنهتك الأستار، وتظهر الأسرار - فكم من مجلّل بثوب تقواه، ويحكم له معارفه بانه زاهد فى دنياه، راغب فى عقباه، محب لمولاه، مفارق لهواه، فيكشف الأمر عن خلاف ما فهموه، ويفتضح عندهم بغير ما ظنوه.
و كم من متهتك ستر بما أظهر عليه! ظنّ الكلّ أنه خليع العذار هيّن الأعلال، مشوش الأسرار، فظهر لذوى البصائر جوهره، وبدت عن خفايا الستر حقيقته «١».
ثم قال :«وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ» أخبر عما علم أنه لا يكون أنه لو كان كيف كان يكون فقال لو ردّ أهل العقوبة إلى دنياهم لعادوا إلى جحدهم وإنكارهم، وكذلك لو ردّ أهل الصفاء والوفاء إلى دنياهم لعادوا إلى أحسن أعمالهم :
قوله جل ذكره :
[سورة الأنعام (٦) : آية ٣٠]
وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَ لَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَ رَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠)
(١) لاحظ كيف ان القشيري متاثر إلى حد كبير بتعاليم الملامتية، فأهل الملامة يقومون بأعمال تستوجب ملامة الناس سترا لأسرارهم وصونا لأحوالهم قصدا إلى محاربة دعوى النفس، والاكتفاء بعلم الحق بأحوالهم وحقائقهم.