لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٤٨٦
قوله جل ذكره :
[سورة الأنعام (٦) : آية ٨١]
وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١)
«١» يعنى وأي خوف يقع على قلبى ظله ولم ألم بشرك ولم أجنح قطّ إلى جحد؟ وأنتم ما شممتم رائحة التوحيد فى طول عمركم، ولا ذقتم طعم الإيمان فى سالف دهركم! ثم بسوء ظنّكم تجاسرتم وما ارعويتم، وخسرتم وما باليتم. فأيّنا أولى أن يعلن بسرّه ما هو بصدده من سوء مكره وعاقبة أمره؟
قوله جلت قدرته :
[سورة الأنعام (٦) : آية ٨٢]
الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)
أي الذين أشاروا إلى اللّه ثم لم يرجعوا إلى غير اللّه فإن من قال «اللّه» ثم رجع بالتفضيل - عند حاجاته أو مطالباته أو شىء من حالاته إلى غير اللّه فخصمه - فى الدنيا والعقبى - اللّه.
والظلم - فى التحقيق - وضع الشيء في غير موضعه، وأصعبه حسبان أن من الحدثان ما لم يكن وكان فإنّ المنشئ اللّه، والمجرى اللّه، ولا إله إلا اللّه، وسقط ما سوى اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنعام (٦) : آية ٨٣]
وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣)
أشار إلى ترقّيه من شهود آياته إلى إثبات ذاته، وذلك ترتيب أهل السلوك فى وصولهم إلى اللّه، فالتحقق بالآيات التي هى أفعاله ومراعاة ذلك وهى الأولى ثم إثبات صفاته وهى الثانية، ثم التحقق بوجوده وذاته وهو غاية الوصول، فبرسومه يعرف العبد نعوته، وبنعوته يعرف ثبوته «٢».

_
(١) أخطأ الناسخ إذ كتبها (فكيف)
(٢) للقشيرى كتابان (ترتيب السلوك) و(المقامات الثلاث) لم تصل بعد أيدينا إليها، أولهما توجد منه مخطوطة بالفاتيكان والثاني استعاره بعضهم من مكتبة جامعة القاهرة ولم يرده، فهل يمكن أن نحدس أن هذه الفقرة خلاصة مقتضية لوجهة نظره فى ترتيب مقامات السلوك وعددها.


الصفحة التالية
Icon