لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٥١
قوله جل ذكره :
[سورة الفاتحة (١) : آية ٧]
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ (٧)
يعنى طريق من أنعمت عليهم بالهداية إلى الصراط المستقيم، وهم الأولياء والأصفياء.
ويقال طريق من (أفنيتهم) «١» عنهم، وأقمتهم بك لك، حتى لم يقفوا فى الطريق، ولم تصدهم عنك خفايا المكر. ويقال صراط من أنعمت عليهم بالقيام بحقوقك دون التعريج على استجلاب حظوظهم.
ويقال صراط من (طهرتهم) «٢» عن آثارهم حتى وصلوا إليك بك.
و يقال صراط من أنعمت عليهم حتى تحرروا من مكائد الشيطان، ومغاليط «٣» النفوس ومخاييل الظنون، وحسبانات الوصول قبل خمود آثار البشر (ية).
ويقال صراط من أنعمت عليهم بالنظر والاستعانة بك، والتبري من الحول والقوة، وشهود ما سبق لهم من السعادة فى سابق الاختيار، والعلم بتوحيدك فيما تمضيه من المسار والمضار.
ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بحفظ الأدب فى أوقات الخدمة، واستشعار نعت الهيبة.
ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بأن حفظت عليهم آداب الشريعة وأحكامها عند غلبات (بواده) «٤» الحقائق حتى لم يخرجوا عن حد العلم، ولم يخلّوا بشىء من أحكام الشريعة.
ويقال صراط الذين أنعمت عليهم حتى لم تطفئ شموس معارفهم أنوار ورعهم ولم يضيّعوا شيئا من أحكام الشرع «٥».
ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بالعبودية عند ظهور سلطان الحقيقة.
قوله جلّ ذكره : غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ
(١) وردت (أقنتهم) فى ص.
(٢) وردت (ظهرتهم) فى ص.
(٣) وردت (مغاليظ) فى ص.
(٤) وردت (بواد).
(٥) نلاحظ أن القشيري يلح كثيرا على التزام آداب الشريعة مهما غلبت على العبد سطوة الانمحاء، واستلبه سلطان الفناء، ويحسن هنا أن نشير إلى اصطلاح فى مذهب القشيري وهو الفرق الثاني وهى حالة عزيزة يرد عندها العبد إلى الصحو لكى يؤدى ما يجب عليه من الفرائض فى أوقاتها، ويكون رجوعه للّه باللّه (انظر الرسالة القشيرية ص ٣٩).