لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٥٢٨
ثم قال :«وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ» فإن اللباس الظاهر بقي آفات الدنيا، ولباس التقوى يصون عن الآفات التي توجب سخط المولى، ولباس التقوى بجميع أجزاء العبد وأعضائه. وللنّفس لباس من التقوى وهو بذل الجهد والروح والقلب، لباس من التقوى وهو صدق القصد بنفي الطمع. وللروح لباس من التقوى وهو ترك العلائق وحذف العوائق.
وللسرّ لباس من التقوى وهو نفى المساكنات والتصاون من الملاحظات.
ويقال تقوى العبّاد ترك الحرام، وتقوى العارفين نفى مساكنة الأنام. ويقال للعوام التقوى، وللخواص لباس التقوى عن شهود التقوى.
قوله جل ذكره :
[سورة الأعراف (٧) : آية ٢٧]
يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (٢٧)
من أصغى إلى وساوس نفسه بأسماع الهوى وجد الشكّ بين وسواس الشيطان وهاجس النّفس، ويتناصر الوسواس والهاجس وتصير خواطر القلب وزواجر العلم مغمورة مقهورة - فعن قريب تشمل تلك الهواجس والوساوس صاحبها، وينخرط فى سلك موافقة الهوى فيسقط فى مهواة الزلة، فإذا لم يحصل تدارك بوشيك التوبة صارت الحالة قسوة فى القلب، وإذا قسا القلب فارقته الحياة وتمّ له البلاء.
قوله جل ذكره : إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ.
لا يحصل للعبد احتراس من رؤية الشيطان إياه وهو عنه غائب إلا برؤية العبد للحق - سبحانه - بقلبه، فيستغيث إليه من كيده، فيدخله - سبحانه - فى كنف عنايته فيجد الخلاص من مكر الشيطان.
قوله جل ذكره :
[سورة الأعراف (٧) : آية ٢٨]
وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٢٨)