لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٥٤٠
قوله جل ذكره :
[سورة الأعراف (٧) : آية ٥٤]
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٥٤)
تعرّف إلى الخلق بآياته الظاهرة الدالة على قدرته وهى أفعاله، وتعرّف إلى الخواص منهم باياته الدالة على نصرته التي هى أفضاله وإقباله، وظهر لأسرار خواص الخواص بنعوته الذاتية «١» التي هى جماله وجلاله، فشتان بين قوم وقوم! ثم كما يدخل فى الظاهر الليل على النهار والنهار على الليل فكذلك يدخل القبض على البسط والبسط على القبض. ومنه الإشارة إلى ليل القلوب ونهار القلوب : فمن عبد أحواله أجمع قبض، ومن عبد أحواله أجمع بسط، ومن عبيد يكون مرة بعين القبض ومرة بعين البسط كما أن بعض أقطار العالم فيها نهار بلا ليل، وفى بعضها ليل بلا نهار، وفى بعضها ليل يدخل على نهار ونهار يدخل على ليل.
«أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ» : فمنه الخير والشر، والنفع والضر، فإن له الخلق والأمر.
«تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ» هذه الكلمة مجمع الدعاء لاشتمالها على إفادة معنى قدمه ودوام ثبوته من حيث يقال برك الطير على الماء.
وأفادت معنى جلاله الذي هو استحقاقه لنعوت العزّ لأنه قد تبارك أي تعظّم. وأشارت إلى إسداد النّعم وإتاحة الإحسان من حيث إن البركة هى الزيادة فهى مجمع الثناء والمدح للحق سبحانه.
قوله جل ذكره :
[سورة الأعراف (٧) : آية ٥٥]
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥)
(١) لاحظ حرص القشيري الشديد حين يقرر أن أقصى حالات المشاهدة لا تكون مشاهدة الذات - فقد جلت الصمدية أن يستشرف من شهود ذاتها عبد، إنما هى مشاهدة نعوت الذات :
الجمال والجلال.