لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٥٤٨
أجرى اللّه - سبحانه - سنّته ألا يخص بأفضاله، وجميل صنعه وإقباله - فى الغالب من عباده - إلّا من يسمو إليه طرفه بالإجلال، وألّا يوضح له قدره بين الأضراب والأشكال فأنصار كلّ نبى إنما هم ضعفاء وقته، ويلاحظهم أهل الغفلة بعين الاحتقار، ولكن ليس الأمر كما تذهب إليه الأوهام، ولا كما يعتقد فيهم الأنام، بل الجواهر مستورة فى معادتها، وقيمة المحالّ بساكنيها، قال قائلهم :
و ما ضرّ نصل السيف إخلاق غمده إذا كان عضبا حيث وجهته وترا
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«كم من أشعث أغبر لو أقسم على اللّه لأبرّه» «١» قوله تعالى :«وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَ لكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ» الحيلة تدعو إلى وفاق الهوى فتستثقل النّفس قول الناصحين، فيخرجون عليهم وكأن الناصحين هم العائبون، قال قائلهم :
و كم سقت فى آثاركم من نصيحة وقد يستفيد البغضة المتنصح
قوله جل ذكره :
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٨٠ الى ٨٤]
وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١) وَ ما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢) فَأَنْجَيْناهُ وَ أَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٨٣) وَ أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤)
.

_
(١) فى رواية الترمذي (كم من أشعث أغبر ذى طمرين لا يؤبه له لو أقسم على اللّه لأبره منهم البراء ابن مالك). الجامع الصغير ص ٢٣٧


الصفحة التالية
Icon