لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٦١٦
لا يهتدى قلبى إلى غيركم لأنه سدّ عليه الطريق
و يقال العلماء هم الذين وجدوا قلوبهم، قال تعالى :«إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ».
والعارفون هم الذين فقدوا قلوبهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الأنفال (٨) : آية ٢٥]
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٥)
احذروا أن ترتكبوا زلّة توجب لكم عقوبة لا تخص مرتكبها، بل يعمّ شؤمها من تعاطاها ومن لم يتعاطها.
وغير المجرم لا يؤخذ بجرم من أذنب، ولكن قد ينفرد أحد بجرم فيحمل أقوام من المختصين بفاعل هذا الجرم، كأن يتعصبوا له إذا أخذ بحكم ذلك الجرم فبعد أن لم يكونوا ظالمين يصيرون ظالمين بمعاونتهم وتعصبهم لهذا الظالم فتكون فتنة لا تختص بمن كان ظالما فى الحال بل إنها تصيب أيضا ظالما فى المستقبل بسبب تعصبه لهذا الظالم ومطابقته معه، ورضاه به، وهذا معنى التفسير من حيث الظاهر. فأمّا من جهة الإشارة : فإن العبد إذا باشر رلّة بنفسه عادت إلى القلب منها الفتنة وهى العقوبة المعجلة، وتصيب النّفس منها العقوبة المؤجلة، والقلب إذا حصلت منه فتنة الزلة - عند ما يهم بما لا يجوز - تعدّت فتنته إلى السّر وهى الحجبة.
و المقدّم فى شأنه إذا فعل ما لا يجوز انقطعت البركات التي كانت تتعدى منه إلى متّبعيه وتلامذته، وكان لهم نصيبهم من الفتنة وهم لم يعلموا ذنبا. ويقال إن الأكابر إذا سكتوا عن التنكير على الأصاغر عند تركهم الأذكار أصابتهم فتنة ما فعلوه فلقد قيل إنّ السفيه «١» إذا لم ينه مأمور. فعلى هذا تصيب فتنة الزّلة مرتكبها ومن ترك النّهى عن المنكر - مثل من ترك الأمر بالمعروف - يؤخذ بجرمه. «٢»
(١) وردت (السفينة) وهى خطأ فى النسخ.
(٢) وردت هذه العبارة حافلة بالكثير من الأخطاء التي سببت فى غموض المعنى فقومناها حسبما يقتضى السياق - دون أن يكون اقتحامنا خطيرا على النص.