لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٦٨
بالخشوع والاستكانة، والتجافي عن التعريج فى منازل الكسل والاستهانة.
قوله :«لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» : تقريب الأمر عليهم وتسهيله، ولقد وقفهم بهذه الكلمة - أعنى لعلّ - على حد الخوف والرجاء.
وحقيقة التقوى التحرز والوفاء (بالطاعة) «١» عن متوعدات العقاب.
قوله جل ذكره :
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٢]
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)
تعرّف إليهم بذكر ما منّ به عليهم من خلق السماء لهم سقفا «٢» مرفوعا، وإنشاء الأرض لهم فرشا موضوعا، وإخراج النبات لهم بالمطر رزقا مجموعا. ويقال أعتقهم عن منّة الأمثال بما أزاح لهم من العلة فيما لا بدّ منه، فكافيهم السماء لهم غطاء، والأرض وطاء، والمباحات رزقا، والطاعة حرفة، والعبادة شغلا، والذكر مؤنسا، والرب وكيلا - فلا تجعلوا للّه أندادا، ولا تعلّقوا قلوبكم بالأغيار فى طلب ما تحتاجون إليه فإن الحق سبحانه وتعالى متوحّد بالإبداع، لا محدث سواه، فإذا توهمتم أن شيئا من الحادثات من نفع أو ضرر، أو خير أو شر يحدث من مخلوق كان ذلك - فى التحقيق شركا.
و قوله عز وجل :«وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» أن من له حاجة فى نفسه لا يصلح أن ترفع حاجتك إليه.
وتعلّق المحتاج بالمحتاج، واعتماد الضعيف على الضعيف يزيد فى الفقر، ولا يزيل هواجم الضر.
قوله جل ذكره :
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ لَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤)
(١) هذه كلمة احتاجها السياق فآضفناها مستفيدين من اقوال القشيري فى موقف مماثل فى الرسالة ص ٥٦ (و حقيقة الاتقاء التحرز......).
(٢) وردت (شقفا) وهى خطأ فى النسخ.