لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ١٢٣
تنقطع الدعاوى عند الرجوع إلى اللّه، وتنتفى الظنون، ويحصل اليأس من غير اللّه بكل وجه، ويبقى العبد بنعت الاضطرار، والحقّ يجرى عليه ما سبقت به القسمة من أنواع الأقدار.
قوله جل ذكره :
[سورة هود (١١) : آية ٥]
أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥)
أي يسترون ما تنطوى عليه عقائدهم، ويضمرون للرسول - عليه السلام - وللمؤمنين خلاف ما يظهرون، والحقّ - سبحانه - مطّلع على قلوبهم، ويعلم خفايا صدورهم، فتلبيسهم لا يغني عنهم من اللّه شيئا، وكان اللّه - سبحانه - يطلع رسوله - عليه السلام - على ما أخفوه إمّا بتعريف الوحى، أو بإشهاد لقوّة نور، وكذلك المؤمنون كانوا مخصوصين بالفراسة، فكل مؤمن له بقدر حاله من اللّه هداية، قال صلى اللّه عليه وسلم :«اتقوا فراسة المؤمن فإن المؤمن ينظر بنور اللّه» «١» ولقد قال قائلهم.
أ بعيني أراك أم بفؤادى؟ كلّ ما فى الفؤاد للعين باد
قوله جل ذكره :
[سورة هود (١١) : آية ٦]
وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦)
أراح القلوب من حيرة التقسيم، والأفكار من نصب التفكير فى باب الرزق حيث قال :
«إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها» فسكنت القلوب لمّا تحقّقت أنّ الرزق على اللّه.
ويقال إذا كان الرزق على اللّه فصاحب الحانوت فى غلط من حسبانه. ثم إن اللّه سبحانه
(١) رواه الترمذي والطبراني.
ورواه القشيري فى رسالته (ص ١١٥) هكذا : أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمى قال أخبرنا أحمد ابن على الرازي قال أخبرنا محمد بن أحمد بن السكن قال حدثنا موسى بن داود قال حدثنا محمد بن كثير الكوفي قال حدثنا عمرو بن قيس عن عطية عن أبى سعيد قال قال رسول اللّه (ص) :«و اتقوا...»