لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ١٣٢
قوله جل ذكره :
سورة هود (١١) : آية ٢٧]
فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَ ما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَ ما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧)
أنكروا صحة كونه نبيّا لمشاكلته إياهم فى الصورة، ولم يعلموا أن المباينة بالسريرة لا بالصورة.
ثم قال :«وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ» : نظروا إلى أتباعه نظرة استصغار، ونسبوهم إلى قلّة التحصيل.. وما استصغر أحد أحدا من حيث رؤية الفضل عليه إلا سلّط اللّه عليه، وأذاقه ذلّ صغاره، فبالمعانى يحصل الامتياز لا بالمباني :
ترى الرجل النحيف فتزدريه وفى أثوابه أسد هصور
فإن أك فى شراركم قليلا فإنى فى خياركم كثير
قوله جل ذكره :
[سورة هود (١١) : آية ٢٨]
قالَ يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ آتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (٢٨)

الصّبح لا خلل فى ضيائه لكون الناظرين عميانا، والسيف لا خلل فى مضائه لكون الضاربين صبيانا وكيف لبشر من قدرة على هداية من أضلّه اللّه - ولو كان نبيّا؟ «١».
هيهات لا ينفع مع الجاهل نصح، ولا ينحح فى المصرّ وعظ!
_
(١) الأفضل أن تكون (و لو كان نبيا) جملة اعتراضية تلى (لبشر) حتى يستقيم التركيب، ولكننا أثبتنا ما جاء في (ص).


الصفحة التالية
Icon