لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ١٣٧
قوله جل ذكره : إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَ مَنْ آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ «إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ» بالشقاوة. وفيه تعريف بأن حكم الأزل لا يردّ، والحقّ - سبحانه - لا ينازع، والجبّار لا يخاصم، وأن من أقصاه ربّه لم يدنه تنبيه ولا برّ ولا وعظ.
«وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ» ولكن بارك الحقّ - سبحانه - فى الذين نجّاهم من نسله، ولم يدخل خلل فى الكون بعد هلاك من أهلك من قومه.
قوله جل ذكره :
[سورة هود (١١) : آية ٤١]
وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١)
عرف أنّ نجاته من القطرة لمّا تقاطرت ليست بالحيل - وإن تنوّعت وكثرت، فباسم اللّه سلامته، وبتوكله على اللّه نجاته وراحته، وبتفضله - سبحانه - صلاحه وعافيته.
قوله جل ذكره :
[سورة هود (١١) : آية ٤٢]
وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ وَ كانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَ لا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (٤٢)
و كان فى معزل بظاهره، وكان فى سرّ تقديره أيضا بمعزل عما سبق لنوح وقومه من سابق فضله. فحينما نطق بلسان الشفقة وقال :«يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَ لا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ» - لم يقل له : ولا تكن من الكافرين لأن حالته كانت ملتبسة على نوح إذ كان ابنه ينافقه - فقيل له : يا نوح إنه مع الكافرين لأنه فى سابق حكمنا من الكافرين.
قوله جل ذكره :
[سورة هود (١١) : آية ٤٣]
قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَ حالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣)


الصفحة التالية
Icon