لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ١٥
ليس من قام بمعاملة ظاهره كمن استقام فى مواصلة سرائره، ولا من اقتبس من سراج علومه كمن استبصر بشموس معارفه، ولا من نصب بالباب من حيث الخدمة كمن مكّن من البساط من حيث القربة «١»، وليس نعت من تكلّف نفاقا كوصف من تحقّق وفاقا، بينهما بون بعيد! قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : آية ٢٠]
الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠)
«آمَنُوا» أي شاهدوا بأنوار بصائرهم حتى لم يبق فى سماء يقينهم سحاب ريب، ولا فى هواء «٢» معارفهم ضباب شك.
«وَهاجَرُوا» : فلم يعرّجوا فى أوطان التفرقة فتمحّضت «٣» حركاتهم وسكناتهم باللّه للّه.
«وَجاهَدُوا» : لا على ملاحظة عوض أو مطالعة عوض فلم يدّخروا لأنفسهم - من ميسورهم - شيئا إلا آثروا الحقّ عليه فظفروا بالنعمة فى قيامهم بالحقّ بعد فنائهم عن الخلق.
قوله جل ذكره :
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٢١ الى ٢٢]
يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوانٍ وَ جَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢)
(١) يتدرج الدخول عليه - حسبما نعرف من أسلوب القشيري - من الباب إلى البساط إلى العقوة أو الساحة ثم السدة.
(٢) وردت (هؤلاء) وقد صوبناها (هواء) لتلائم (سماء) و(سحاب) و(ضباب) فضلا عن أنها أقرب فى الكتابة إليها. [.....]
(٣) تمحضت أي صارت خالصة للّه